في الهند.. لا تزال العروس تدفع المهر! - كورة لايف

عاجل

إعلان

Ads by Eonads
loading...

الأحد، 3 ديسمبر 2017

في الهند.. لا تزال العروس تدفع المهر!

نيودلهي ـ وكالات الأنباء: يدفع معظم الهنود مهرا لعائلة العريس عندما تتزوج بناتهم، بشكل هدايا رمزية أحيانا، أو مبالغ مالية محرزة وأدوات منزلية، بل وسيارات. هذا التقليد محظور منذ سنة 1961، إلا أن القضاء لم ينظر في أي دعوى إلا في السنوات الأخيرة.
ومع تنامي اقتصاد الهند منذ مطلع التسعينات تعاظمت أيضا "الدوتا" التي يطلبها أهل العريس. وقد أدي التقليد إلي مصرع ألوف النساء، وجرح المزيد في اعتداءات قام بها الأزواج أو الحموات الذين يعتقدون أن المهر الذي دفعه لهم أهل العروس لم يكن كافيا!.
وبوسع نزيلات جناح "نساء الدوتا" في سجن "تيهار" أن يطلعنك على كل أوع المآسي التي تقع للكنات، من حرائق في المطبخ إلي الانتحار والسقوط من شرفات الشقق والأمراض الغامضة.
وما لا يقلنه لك هو أنهن متهمات - وأحيانا مدانات - بالضلوع في تلك المآسي كشريكات مزعومات في تقليد الدوتا الذي يزداد جشعا ونهما يوما بعد يوم.
وتقول "جيوتي شوداري" مساعدة المشرفة على جناح الدوتا في السجن - وهو خاص بنساء لطيفات ظاهريا في سجن يضم بعض أعتى المجرمين الهنود ـ إن الناس "باتوا يطلبون اليوم أجهزة تلفزيون وثلاجات، وأحيانا حتى السيارات.. هذا ما يطلبونه".
في السجن يطلقون على هذا الجناح، اسم جناح الحموات. وتقول شوداري إنه بدلا من الحصول على هذه الأغراض بعرق جبينهم، ينتزعونها من الغير بغير حق!.
وهو الأمر الذي يمكن أن يشكل خطرا على الكنة في هذا المجتمع الذي يرتبط فيه الزواج بالمال وفقا لتقاليد قديمة متوارثة.


فحسب الإحصاءات الرسمية لقي ما يزيد على 7 آلاف امرأة هندية حتفهن في قضايا المهر في السنة الماضية. وهو رقم تقول جمعيات الدفاع عن الحقوق إنه ربما نصف الإجمالي الحقيقي، والعقد المنتهي في العام 2000 - النقطة التي بدأ فيها الاقتصاد الهندي يحقق القفزات - شهد ارتفاع حوادث القتل بنسبة 33 %، وارتفاع الشكاوى من المضايقات بحوالي الثلث.
وكون الدوتا ممنوعة منذ العام 1961 لا يعني الكثير. فالأغلبية الساحقة للعائلات الهندية - من النخبة التي تعيش في المدن إلى الفلاحين الأميين - لا تزال تدفع مهرا من نوع أو آخر لعقد اتفاقات زواج بناتها.
ولقد تحول التقليد الذي بدأ العمل به منذ الأزمنة الجاهلية القديمة لضمان أن العرائس يملكن ثروة خاصة بهن، إلى ما يشبه أجرا تدفعه عائلة العروس لأهل العريس.
وعندما تنشأ الخلافات يمكن أن تتحول إلى رعب. والسلطات لديها سجلات عن حالات قامت فيها شقيقات العريس بتثبيت زوجة أخيهم على الأرض، فيما قام الزوج بصب الكيروسين على زوجته وإضرام فيها النار!.
وهناك حالات أخرى تحبس فيها الزوجة داخل خزانات منزلية لتجويعها، أو ضربها أمام عائلة الزوج!.
وبدلا من أن تساعد الثروة والمدنية الحديثة على حل المشكلة فقد زادتها تعقيدا.
فلقد لوحظ تصاعد حاد في عدد الجرائم ذات الصلة بالمهر في السنوات الأخيرة، بموازاة تنامي الاقتصاد الهندي بوتيرة متسارعة، والذي جلب معه علامات الانتماء إلى حياة الطبقة الوسطي، من أجهزة التلفزيون والدراجات النارية ومفروشات غرف الطعام، ووضعها في متناول ملايين الأشخاص.
وثمة عائلات لا تستطيع أن تقاوم إغراء الإعلانات الدعائية لمثل هذه الأغراض، وبالتالي فإن طلب المال والهدايا من عائلة الزوجة يستمر لوقت طويل بعد الزفاف.
وقد تكون النساء هنا متعلمات جدا ويتقاضين مرتبات مرتفعة، إلا أن التقليد بدوره يجاري الزمن فتتنامى الأعباء عليهن أكثر وأكثر.
وإغراء المال السهل يغمر المجتمع الهندي بأسره: الأغنياء والفقراء والمتعلمين والأميين والمتزوجين وفقا لترتيب العائلة، أو عن حب حقيقي.
وتقول "رانجانا كوماري" مديرة مركز الأبحاث الاجتماعية ـ وهو من المنظمات النسائية البارزة ـ إن التغييرات الاقتصادية لا تجعل الناس أفضل بل تجعلهم أكثر جشعا.
وتنعكس النزعة الاستهلاكية المتنامية في أقبية جناح الحماوات في سجن "تيهار" حيث تحتجز حوالي 100 امرأة معظمهن ينتظرن المحاكمة. وقد يستمر انتظارهن سنوات عديدة ريثما يصل دورهن في دهاليز القضاء البطيء جدا.
وقد تعني الإدانة حكما بالسجن مدى الحياة، مع أن الحماة تتهم عادة بالتدخل في الجريمة. وتواجه حكما نادرا ما يتجاوز السجن لمدة ثماني سنوات.
إن جناح الحماوات مريح مقارنة بمقاييس الحياة في السجن، فهناك باحة وجهاز تلفزيون ومراوح سقف لتحريك الهواء، وقواويش مشتركة واسعة حيث السجينات - يسميهن السجانون سيدات - يفرشن فراش النوم علي الأرض كل ليلة.
الجناح الواقع وراء بوابة حديدية بارتفاع سبعة أمتار ومداخل مسيجة بالأسلاك الشائكة وأسوار تعلوها أبراج للمراقبة - هو مجتمع للشعر الشائب وأحلام الطبقة الوسطي والبراءة العامة، كما تصر السجينات.
وتقول "دورجا شارما" وهي معلمة مدرسة في خمسينات العمر، ومسجونة بسبب وفاة كنتها:"ولا واحدة مذنبة، هؤلاء النساء هن من عائلات محترمة"!.
وتصر شارما علي أن كنتها توفيت بمرض غير معروف في معدتها، والشرطة تقول إنها قتلت في خلاف على المهر.
وتوجه السجينات مصيرا مظلما في تحقيقات غالبا ما تستلزم توقيف كافة أفراد الأسر، إلا أن أزواج وأبناء معظم النساء الذين نقلوا إلي السجن يفرج عنهم بكفالة مالية تاركين الزوجات والبنات وراء القضبان.
وتقول "شانتي ديفي" وهي امرأة تبلغ من العمر 59 سنة، إن كنتها - حسب من ينبغي أن تصدق - إما انتحرت أو دفعت من شرفة شقتها في الطابق الخامس، وليس واضحا من الذي قد يكون قد دفعها.
وتصر ديفي على أنها لم تطلب مهرا لابنها أبدا. وتقول إن كنتها كانت تعاني من مرض عقلي وكانت تزعق وتشد شعرها على الدوام. ولكن إذا أرادت عائلتها أن تعطينا شيئا كهدية سنقبلها بطيبة خاطر!.
في الهند العلاقة بين الحماة والكنة معقدة جدا في أفضل الأحوال. فالأبناء يقيمون في منزل الوالدين عادة، ويفترض بزوجاتهم أن يقبلن الإقامة هناك، وأن يقمن بكثير من الأعمال المنزلية.
مثل هذا الوضع مشحون باحتمالات العراك، والعلاقة بين الكنة والحماة موضوع ثرثرة في الحياة، وعماد المسلسلات التلفزيونية.
غير أن الدراما التلفزيونية لا تتحدث عن الرعب الذي يمكن أن تقاسيه الكنة. فغالبا ما تخفي جرائم القتل كحوادث انتحار والإصابة في المطبخ جراء انفجار مواقد الغاز!.
وتقول السلطات إن الجرائم تكون أحيانا انتحارا حقيقيا يجبر الزوج أو أفراد عائلته الكنة على قتل نفسها!.
وإلى حد ما تعكس الإحصاءات القائمة تزايد الوعي والإبلاغ عن جرائم المهور. فثمة مزيد من رجال الشرطة يتولون حماية النساء، ومقاضاة العائلات التي تطالب بالمهر أصبحت من الأمور الشائعة.
فالقوانين تنص على إجراء تشريح لجثة المرأة إذا توفيت قبل انقضاء سبع سنوات على وفاتها.
ومع ذلك فإن غالبية النساء يجدن صعوبة في تقديم الشكاوى، لأن ذلك يعني تحدي أجيالا طويلة من التقاليد، والبحث عن وسائل للالتفاف حول المسئولين الذين لا يبدون أي تعاطف أو تعاون معهن.
إلا أن ارتفاع الإحصاءات يعكس أيضا تنامي الطلب. وبالنسبة للقليلين، وبخاصة في الشريحة النخبوية المثقفة، أصبح المهر المدفوع رمزيا، ولكن للأكثرية يبقي الزواج مسألة تفاوض ومساومة صعبة، والبحث عن زوج حل مكان الخطوبة.
هل تريد أن تزوج ابنتك لموظف بنك؟ صحيفة "india times" حددت السعر بـ15 ألف دولار تدفع لوالديه زائد الهدايا. وثمن رجل الأعمال الذي يحمل شهادة "ماسترز" في إدارة الأعمال هو حوالي 22 ألف دولار. أما عضو البيروقراطية الذي يعمل في الإدارة الهندية - أي من أفراد النخبة - فسعره 44 ألف دولار علي الأقل!.
أما في الدرجات الأدنى على السلم الاقتصادي؛ فقد تغيرت الأرقام أيضا بالنسبة للطامحين بالوصول إلى الطبقة الوسطى، والتي تنتمي إليها نزيلات سجن تيهار.
ففي حين كانت عائلة العريس تطلب سابقا دراجات هوائية، باتت تصر اليوم على الدراجات النارية أو السيارات، وأولئك الذين كانوا يطلبون سابقا الأثاث المنزلي يقدمون اليوم قوائم طويلة بالأدوات والأجهزة الالكترونية.
وتقول "مامتا" وهي عروس حديثة الزواج في الثانية والعشرين وتصر على عدم ذكر اسمها بالكامل، إنها أعطيت خيارا بسيطا: دراجة نارية.. أو 25 ألف روبية (550 دولارا). هذا ما قالته لي عائلة زوجي.
وتضيف مامتا، وهي ابنة عامل بناء من الطبقة الكادحة في نيودلهي، إن المهر الذي دفعته تضمن الأشياء المعتادة: جهاز تلفزيون وغسالة وثلاجة وبعض المفروشات.
ولكن بعد أيام قليلة من زواجها انتقلت عروس أخرى إلي نفس الحي وأحضرت معها دراجة نارية لحمويها.
وتقول: رأى أهل زوجي الدراجة النارية وقالا لي إنه يتوجب عليّ أن أحضر واحدة مثلها لهما.
وعندما رفضت مامتا، ضربها زوجها وحبسها في المنزل، وعندما دفع شقيقها مبلغ 25 ألف روبية، طلب زوجها سيارة، وعندما هددها زوجها بمزيد من الضرب هربت إلى مأوى النساء!.
وفي مقابلة معها بعد أسبوعين من فرارها من المنزل، وكانت الكدمات لا تزال بادية على جسمها، قالت مامتا: ليست لدي أي مشاعر تجاه زوجي وهو لا يحس بشيء تجاهي.
إلا أن مامتا لا تزال تريد العودة إلى المنزل، وتأمل أن تتمكن مستشارة المأوى من ترتيب اتفاق مع زوجها وعائلته لضمان سلامتها، أما البدائل فهي محدودة فالطلاق سيجلب لها العار وربما الفقر، ولا ضمانات قطعا لأنه إذا تزوجت من رجل آخر فقد يكون أسوأ من زوجها الحالي.
في 23 يونيو الماضي سمع الجيران "جافيتا جايسوال" (26 سنة) تصرخ طالبة النجدة فيما كان الدخان يتصاعد من منزلها في كالكوتا. ونقلت جافيتا إلى المستشفي وهي مصابة بحروق بالغة.
وأبلغت الشرطة أن زوجها صب عليها الجاز وأشعل فيها النار وغادر المنزل. وكانت جافيتا قبل الحادث قد تقدمت بشكوى ضد حمويها وزوجها ـ تاجر السكراب ـ متهمة إياهم بضربها، ولا تزال الشرطة تبحث عن الزوج الذي فر بعد وفاتها.
وفي 7 يونيو توفيت طالبة جامعية في الحادية والعشرين بعد خمسة أيام من زواجها في مدينة "بيدار" الجنوبية، وكانت الحروق تغطي 90 % من جسمها.
وقال والدها المزارع الذي دفع ما يوازي 500 دولار كمهر لعريسها، إن حمويها قتلاها لأنهما اعتبرا الدوتا غير كافية، وأنهما صبا عليها الجاز وأحرقاها. وأصر الحموان على أن العروس انتحرت، ولا تزال السلطات تحقق في الحادث!.
وفي مايو 2004 أدين الجندي "أجاي شيفاهيا" بمضايقة زوجته بسبب المهر حتى دفعها في النهاية إلي شنق نفسها. وقال الادعاء إن طلب الزوج دراجة هوائية جديدة دفعها إلي الانتحار في يوليو في سنة 2001 وحكم علي الجندي بالسجن سبع سنوات.
وفي يونيو 2003 حكم علي القروي "كامو تشاندرا مولي" بالسجن سنتين لقتله زوجته بالفأس إثر طلبه المتكرر بالدوتا، رغم انه تلقى عددا من الماشية وكمية من الذهب والفضة قبل زفافهما في العام 2001!.
x


    ليست هناك تعليقات:

    إرسال تعليق