فعلتُ المستحيل مِن أجل زوجي وزوجته الأولى - كورة لايف

عاجل

إعلان

Ads by Eonads
loading...

السبت، 19 يناير 2019

فعلتُ المستحيل مِن أجل زوجي وزوجته الأولى


خلال فترة تواعدنا، نسيَ فادي أن يقول لي إنّه متزوّج. ولم يبح لي بالحقيقة إلّا عندما أصرَّيتُ على التعرّف إلى أهله. ولو فكرّتُ بالأمر جيّدًا، أي لماذا يُخفي عنّي خبرًا بتلك الأهميّة، لجنّبتُ نفسي كلّ الذي جرى لي. ولكن حين يستحوِذ الحبّ على عقولنا، لا نرى ما هو واضح للعيان. قال لي حبيبي في ذلك اليوم:
ـ إسمعي... يا إلهي... لا أدري مِن أين أبدأ... حبيبتي... لقد أخفَيتُ عنكِ أمرًا بغاية الأهميّة ولا عذر لي...
ـ ما بكَ؟ هل أنتَ مريض؟ هل أيّامكَ معدودة؟
ـ لا... ربمّا أيّامي معكِ معدودة... هذا إذا قرّرتِ الإنفصال عنّي... أحبّكِ كثيرًا ولم أكن بمنتهى الصراحة معكِ خوفًا مِن العيش مِن دونكِ... فلقد أصبحتِ جزءً لا يتجزَّأ مِن كياني... حبيبتي... أنا متزوّج.
ـ ماذا؟؟؟ نتواعد منذ حوالي الستّة أشهر وقصَدتَ اهلي لطلَب يدي منهم وأكَلت وشربتَ معنا... كيف لكَ أن تخفي أمر زواجكَ عنّي؟ وإلى متى كنتَ ستستمّر بالكذب؟ فما مِن خطيبة تقبل أن تتزوّج مِن دون أن ترى أهل خطيبها ولو مرّة واحدة... لقد استعملتُ كلّ الحجج والأعذار الموجودة...
ـ سامحيني... لا تتركيني.
ـ وماذا تريد أن أفعل بكَ؟ أن أقبل أن أصبح زوجة ثانية؟ هذا مستحيل!
ـ ولِما لا؟ إسمعي، وفاء زوجتي تعرف بأمرنا... المسكينة مصابة بمرض مزمِن ونعيش معًا كالأخ والأخت... وأخبرتُها عنكِ طوال الوقت.
ـ لا أصدقّكَ فأنتَ كاذب... لن ترى وجهي مجدّدًا!
ـ تريّثي أرجوكِ... إن لزِمَ الأمر سأحمل وفاء على التكلّم معكِ... هل سيُريحكِ ذلك؟
ـ ربّما... لا أعدكَ بشيء.

وعدتُ إلى المنزل حزينة ومهمومة. فكيف سأخبر أهلي بأنّ الرّجل الذي جلَسَ إلى مائدتهم أكثر مِن مرّة كذِبَ عليهم بكلّ وقاحة؟ وكيف سيقبلون أن تصبح ابنتهم زوجة ثانية؟ فالجدير بالذكر أّنّني مِن عائلة مرموقة وميسورة لا تقبل بتعدّد الزوجات ولا حتى بالطلاق. وقرّرتُ أن أنتظر حتى أتأكّد مِن قبول وفاء بي.

وبعد أيّام قليلة، إنتظرتُ زوجة فادي في أحد المقاهي. واذ بي أرى امرأة شاحبة وهزيلة تتّجه نحوي وتلقي التحيّة عليّ. جلسنا بِصمت ومِن ثمّ قالت لي إنّها فرحة بأنّ زوجها وجَدَ أخيرًا مَن سيهتمّ به بعدما تفارق الحياة. وامتلأَت عيناي بالدموع، وقبّلتُها بعد أن تمنَّيتُ لها العمر الطويل. عندها أخذتُ قرارًا سأندم عليه لاحقاً، وهو أن أتزوّج مِن فادي. وبدأَت معركتي مع أهلي الذين رفضوا رفضًا قاطعًا هذه الزيجة، ليس فقط لأنّها لا تناسب طريقة حياتنا ولكنّ لأنّ فادي كان بِنظرهم إنسانًا غير جدير بالثقة. وكي يُثبتوا لي أنّني ضحيّة محتال لا يسعى سوى وراء مالي، قرّرَ أبي عدم إعطائي حصّتي من المال، على خلاف ما فعل مع أختي عندما تزوّجَت. ولكنّني لم أكترث للأمر، فكان لدَيّ عملي الذي كنتُ أجني منه الكثير. وتزوّجتُ مِن فادي بدون وجود أيٍّ مِن عائلتي.
وبعد شهر عسل دام ثلاثة أيّام في فندق في الجبل جئتُ أسكن مع المسكينة وفاء. وتفاجأتُ أنّ فادي تركَ عمله بعد أيّام قليلة على زواجنا وبرَّرَ قراره بقوله:
ـ حالة وفاء تسوء يوماً بعد يوم ولا أستطيع تركها وحدها خلال النهار.
ـ وكيف سنعيش جميعنا؟ بِراتبي؟
ـ إصبري حبيبتي... فالمسكينة سَـ... ستتركنا بعد فترة قليلة وأعدكِ بالتعويض لكِ... إنّها مسألة إنسانيّة... تعلمين كم أحبّكِ ولكن لا أريد أن يمنعني هذا الحبّ مِن القيام بمسؤوليّاتي تجاه وفاء.

وهكذا أصبحتُ أدفع تكاليف علاج الزوجة التي كانت باهظة. فالأدوية كانت كلّها مستوردة خصيّصًا مِن الخارج، وكان فادي يقصد لهذا الغرَض موزّعًا في الناحية الأخرى مِن المدينة. وكنتُ أذهب إلى عملي في الصباح وأعود في المساء بينما كان زوجي يبقى إلى جانب زوجته الأولى. وللحقيقة لم يزعجني الأمر كثيرًا، فعندما كنتُ أرجع إلى البيت كنتُ أجد فادي بإنتظاري ووفاء في غرفتها غارقة في النوم، وكان الأمر وكأنّني الزوجة الوحيدة في المنزل. وفي ذات نهار، عدتُ أبكر مِن المعتاد ولم أجد أحدًا في البيت. عندها خابرتُ فورًا زوجي لأستفهم عن مكان وجوده هو وزوجته.
وأجابَني بتردّد:
ـ حبيبتي! عدتِ؟ وفاء... في المشفى... لقد ساءَت حالتها كثيرًا... لا! لا تأتي! فهي في غرفة العناية الفائقة.
ـ يا إلهي! ما الأمر؟ كيف أستطيع المساعدة؟
ـ حبيبتي... كنتُ سأتصل بكِ... المشفى بحاجة إلى ضمانة وألّا سيوقفون العلاج... أنا آسف ولكن ما مِن أحد سواكِ يُمكنه المساعدة.
ـ بالطبع! حياتها على المحك... كم تريد؟

وعادَ فادي إلى البيت وأخَذَ المال ورجعَ إلى زوجته وقال لي إنّه سيبقى يسهر عليها ليلًا نهارًا. وكي لا أبقى لوحدي بعثني عند أمّه بعدما جعلَني أقسم بألّا أخبر والدته أنّ وفاء في المشفى أو حتى مريضة، وذلك ليُجنّبها الهم. وبقيَت وفاء في المشفى أكثر مِن أسبوع، ولم أرَها أو أرَ فادي إلّا عندما عادَت المسكينة إلى غرفتها في البيت. وفرِحتُ لشفائها ولرجوعها متعافية. وشكَرَتني المرأة بحرارة على ما فعلتُه مِن أجلها.

ومرَّت الأيّام والأشهر، وانتظرتُ أن يُوافق فادي على أن ننجب ولو طفلًا واحدًا ولكنّه بقيَ يقول:
ـ لا يا حبيبتي... أودّ ذلك وبكلّ جوارحي ولكن المسكينة لن تتحمّل ذلك... أعني أن تراكِ حاملًا بينما هي لم تستطع إعطائي وريثًا... كما قلتُ لكِ سابقًا لم يعد يتبقّى لها الكثير... إصبري".

وصبرتُ لأنّني كنتُ أحبّ زوجي ولأنّ وفاء كما أشرتُ سابقًا لم تكن تزعجني.
وفي ذات يوم جاء فادي بخبر وصَفَه بالسّار:
ـ حبيبتي... فكرتُ بالأمر مليًّا... لا يحق لي أن أفرض عليكِ العيش مع زوجة أولى ومريضة وأحرمكِ بسببها مِن الإنجاب... ولا أريدها أن تغادر الدنيا وهي هنا في المنزل فقد يؤثّر ذلك على نفسيّتنا... إضافة إلى ذلك، سأتمكّن مِن العودة إلى العمل.
ـ ماذا تريد قوله؟
ـ هناك عيادة في سويسرا تعتني بمَن هم في المرحلة الأخيرة مِن حياتهم... كلّمتُ وفاء بالأمر وهي موافقة... لو تعلَمين كم تحبّكِ...
ـ وأنا أيضًا أحبّها وكثيرًا... أعتبرها أختًا ثانية لي... حسنًا، أنا موافقة.
ـ ولكن الأمر يتطلّب مبلغًا كبيرًا... نتكلّم عن عناية دائمة خارج البلاد وقد لا يكفي راتبكِ مهما كان كبيرًا.
ـ ما العمل إذًا؟
ـ أظن أنّ عليكِ التكلّم مع أهلكِ وإقناعهم بإعطائكِ نصيبكِ.
ـ لن يقبلوا بذلك أبدًا! بالكاد تكلّموا معي منذ زفافي الذي لم يحضروه حتى!
ـ إذا شرحتِ لهم أنّ زوجتي الأولى ستخرج مِن الصورة، أنا متأكّد من أنّهم سيقبلون أن يعطوكِ حقّكِ.
وفعلتُ كما نصحَني أن أفعل وقصدتُ أهلي طالبة حقّي. وبعد جدال طويل، قال لي أبي إنّه سيُفكّر بالموضوع ويُعطيني جوابًا قريبًا. وفي هذه الأثناء، تحضّرَت وفاء للسفر وأتذكّر أنّنا بكينا سويًّا لفراقنا القريب. وبعد أيّام قليلة وأنا مارّة في حيّ موازٍ لحيّنا، رأيتُ شركة سفريّات وخطَرَ ببالي أن أسأل عن ثمن تذاكر السفر إلى سويسرا لعلّ رفَضَ أبي إعطائي مالًا وأُجبرتُ على دفع تكلفة سفر وفاء مِن راتبي. وجلستُ على كرسيّ مقابل الموظّفة التي بدأَت تفتّش عن الرحلات ووجَدَت لي سعرًا مغريًا. وعَرَضَت عليّ حجز تذكرة في الحال كي لا ترتفع الأسعار، وأضافَت أنّ بإمكاني تأجيل موعد السفر حين أريد. عندها قلتُ لها:
ـ ولكن باسبور صديقتي ليس معي.
ـ هذا لا يهم... أعطِني اسمها الكامل فقط.
ـ حسنًا... السيّدة وفاء ق.
ـ وفاء ق؟ زوجة السيّد فادي ق؟
ـ أجل... اتعرفينهما؟
ـ بالطبع فهما يُسافران معنا كثيرًأ.
ـ أجل... ربما فيما مضى.
ـ لا... منذ بضعة أشهر حجزا رحلة إلى روما حيث مكثا حوالي الأسبوع.
ـ ماذا؟ هذا مستحيل!
ـ سيّدتي... لقد قمتُ بنفسي بِحجز الطائرة والفندق.

عندها فهمتُ كلّ شيء. كان يوسف قد تزوّجني لأصرف عليه وعلى زوجته التي لم تكن مريضة، وحين قال إنّه معها في المشفى كانا قد ذهبا إلى إيطاليا للترفيه. ولأتأكّد مِن شكوكي، قصدتُ المشفى وسألتُ إن كانت وفاء ق. قد مكثَت هناك وفي قسم العناية بالتحديد. ولكن ما من أحد كان قد رآها أو سمِعَ بها. وكان مِن الواضح أنّ زوجي وزوجته يُريدان أخذ حصّتي مِن أهلي ليهربا إلى الخارج ويصرفا مالي. ولم أكن أبدًا مستعدّة لأن أعطي هذين الماكرين فلسًا واحدًا بعد.

فبعد أن ترَكَ فادي عمله وبدأ يعيش هو ووفاء مِن راتبي، كان قد حان الأوان لأن أقول كفى. وقصدتُ أبي وأخبرتُه القصّة بكاملها فهزّ رأسه قائلًا:
ـ أتريديني أن أسجن ذلك اللعين وزوجته؟
ـ لا، يا أبي... أستحقّ ما حصل لي... كلّ شيء كان يدلّ على أنّهما يستفيدان منّي... ليكن ذلك درسًا لي... كان السّافل يقضي نهاره معها بينما أكون في عملي، ويُعطيني بضعة ساعات في المساء... وكانا يصرفان المال المخصّص لأدوية وفاء على نزهاتهما...

...وعندما عدتُ ذات يوم إلى البيت في غير موعدي، لم يجد فادي مبرّرًا لخروجه مع إنسانة مريضة بالكاد تستطيع المشي، واخترعَ قصّة المشفى التي فتحَت له بابًا أكبر... الذنب ذنبي، يا بابا... ولذلك سأكتفي بالطلاق... وبمواجهة السافلَين.
- كما تريدين... ولكن دعيني أرسل معك السائق... فمَن يحيك هكذا مكيدة بإمكانه فعل ما هو أفظع حين ينكشف أمره."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق